Saturday, January 6, 2007

الى أم الشهيد...


فلتفرحي.. يا أمه..
ولترفعي وجهك عالياً ، وتشاركي الملائكة أنشودة الحياة.
فلتفرحي، واقتسمي مع مريم العذراء بعضا ً من فخرها...
فلتنشدي بالفم الملآن ، نعم ، هم ماتوا ، ليحيا لبنان!
لا تذرفي الدمع، لا وألف لا، فاليوم ذكرى ميلاده، ذكرى امتزاجه مع ترابٍ عَشِقًهُ، حتى الممات.
فلتلبسي الأبيض، ولتهللي... لأن ولدك، سيدتي، قد صار شهيدا ً ، لأنه مارس قمة العطاء عربون محبة..
ها هو العرس يأتينا كل أيلول، محمِلا ً موت الصيف ليبعث فينا روح الحياة.. ليرمينا من السكون الذي يتآكلنا، فيرتفع اعصارهم ريحا ً شتوية، تسكب لنا خمر الشهامة...
ويكملون طريقهم، مع المسيح في الجلجلة، ويرتفعون أقواس نصرٍ في ساحات الشرف، فيرتشفون من كأس المجد بضع قطرات، ليناموا، كالأبطال ، ويلتحقوا بقوافل الشهداء المستمرة.
اياك ، يا أم الشهيد، أن تبكي في هذه الذكرى، بل راقبي أفواج أولادك تصلي، تصلي له.. لابنك... راقبيهم بعين الطمأنينة.
لا لم يرحلوا سدىً ولم يصبحوا ذكرى يأكلها النسيان..
فقفي، وارفعي ذراعك عاليا ً ، فلا يليق بأهل الأبطال الحزن، بل اعرفي أن الأوطان وان بنيت، فعلى أكتافهم ستستمر.
لا تقلقي، يا أم الشهيد، يا أم الوطن، ان تحامل البعض عليهم، فالنسر في عليائه يبدو صغيرا ً في أعين من لا يعرف الطيران.
ها أيلول المصبوغ بأحمر الشهادة يأتي، وترحل قوافل التجار من بلادي..
الا أن وجوه الشهداء باقية لا تتغير
فهم هم.. فحين نفتقدهم، نجدهم في أعين أمة أبت الموت..
نراهم في أصوات الأجراس وشموخ الجبال..
لأنهم في قمة المجد، ولأننا أمناء على الرسالة، ولأن ألاف الأبطال ارتفعوا لنحيا، نجدد وعدنا، أمامك يا سيدتي،وأمام الله، بأن نبقى، وأن نستمر، حتى لا ندفع الأثمان مضاعفة...
لا تفتشي زواي الحقو ل ومرابض الأسود..ولا تسألي بَواب الدهر...
بل تأملي السماء وحدثيه ،فهل نسيت قول الانجيل المقدس؟
" لِمَاذَا تَبْحَثْنَ عَنِ الْحَيِّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟"

لأن لأمثالهم يليق الخلود، لأنهم فضلوا الموت كالأرز على الحياة كسائر الأشجار..
لأنهم، قديسون من هذاالشرق، شهداء الوطن المغدور والسيف المسلط..
لأنهم، وان غابوا، أحياء الى الأبد في أعمالنا!
فلتشبكي أيديك مع النجمات، ولتقفي في الأقبية السوداء... ولتنيري، بابريق زيت انتظارك،عتمة درب الحرية، الى فجر القيامة!

No comments: